أيها الإنسان القلق,
يا من تسلط على عقله تفكير ملح وهاجس مسهد فأرق ولم يغمض له جفن وانشغل فلم يهدأ له بال. فقد لذة النوم الهانئ وتعذب بالحيرة و الإنتظار وتعطل مكبح حلمه وصبره وانفلت زمام اعصابه وساء حاله مع الاخرين فانطوى على نفسه و أصبحت حياته في سواد دامس وليل حالك وغيم على فؤاده هم وغم و اعترى نفسه شعور بالانقباض والكآبة فزاد خفقان قلبه وبردت اطرافه واضربت احشاؤه وفقد شهية الأكل فكان ذبول نحول ...
أيها الإنسان القلق,
هل تريد طمأنينة الروح وسكينة النفس وانشراح الصدر وراحة النوم؟ هل تريد تبدل حالك من ذبول الى نضارة و من نحول الى ري؟
لا تقل غن ذلك يكون بالعصا السحرية أو بالمارد المطيع أو بالتمتمات و التمائم!
إنه يكون بنفحات من روح الله تقتبسها من لحظات ايمانية تشف منها نفسك وتتصل بخالقها فتتبدل من حال الى حال.(أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
أيها الإنسان القلق,
لا تقلق لما اصابك فإنه من قضاء الله وقدره فلا تجزع واصبر رأضيا بأمر الله محتسبا اجره مستعينا بذكره مستبشرا برحمته.(
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
أيها الإنسان القلق,
إن لم تحقق ما تريد لا تحزن فأمر الله كله خير وتدبر قوله تعالى:
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
أيها الإنسان القلق,
لا تحزن لما ليس عندك و أحص نعم الوهاب عليك بدلا من إحصاء همومك و تذكر قوله(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) فأنت مسلم تحمل الحق في قلبك وتبصر النور و تسلك طريق الهدى(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ).
أيها الإنسان القلق,
إن كنت قلقا لما حدث لك في الماضي فأتخذ منه العبرة ولا تفكر في استعادته فأن الماضي فات لن يعود مهما حاولت.
أيها الإنسان القلق,
إن كنت قلق من طول بلاء أصابك فلا تيأس من روح الله( إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً).و إن كنت قلقا على رزقك ومستقبلك فإن رزقك عند رزاق العباد مقسوم(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) وإن مستقبلك مكتوب معلوم(قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا) ولا تخش تسلط الأخرين عليهما واستعن بالله.
أيها الإنسان القلق,
كيف تعيش حاملا هموم الماضي والحاضر والمستقبل؟! وقد جاء في الأثر((إذا امسيتفلا تنتظر الصباح,وإذا اصبحت فلا تنتظر المساء)) فكن قصير الأمل في يومك تنتظر الأجل وتحسن العمل فلا تتعدين بهمومك هذا اليوم فأمسك قد ولى غدك لم يأت ويومك اتق الله فيه وركز عليه جهودك ورتب فيه اعمالك محسنا فرائض العبادات متزودا بالطاعات مهتما بصحتك مصلحا أخلاقك مع الآخرين.
أيها الإنسان القلق,
علام القلق؟! طب نفسا, فأنت في عناية الله ..